نزاع نادي جدة الأدبي والجمعية- إساءة للأدب تتطلب حلاً جذريًا

المؤلف: هاني الظاهري08.09.2025
نزاع نادي جدة الأدبي والجمعية- إساءة للأدب تتطلب حلاً جذريًا

إن التراشقات الإعلامية الحادة والمتواصلة بين نادي جدة الأدبي وجمعية الثقافة والفنون، حول ملكية المبنى المتنازع عليه، أمر معيب ومخجل للغاية، ويجب أن تتوقف في الحال. هذه المهاترات تسيء بشكل بالغ إلى سمعة الأدب والثقافة السعودية، على الرغم من أن الخلاف في جوهره نزاع عقاري بحت، لا يمت بصلة للأدب أو الفن بأي شكل من الأشكال.

ربما تكشف هذه الجلبة الصاخبة عن حقيقة مفادها أن الأدباء والفنانين قد لا يكونون مؤهلين تمامًا لتولي أدوار إدارية أو قيادية. غالبًا ما يفتقرون إلى القدر الكافي من الحصافة والاتزان العاطفي اللازمين للإدارة الرشيدة، وهو ما يتعارض جوهريًا مع طبيعة الفنان المبدع في مجالي الأدب والفن. هذا لا يعني التقليل من شأنهم، بل هو إقرار بواقع قد لا يروق للكثيرين.

لقد تابعت قبل يومين باستياء شديد مناظرة تلفزيونية بائسة على قناة mbc، جمعت بين ممثل نادي جدة الأدبي ومدير فرع جمعية الثقافة والفنون. كانت المناظرة مخزية ومثيرة للاشمئزاز، حيث وصل مستوى الخصومة والتوتر لدى ممثل النادي إلى درجة أستحي وصفها بالسطحية، لكنها كانت كذلك بالفعل. لقد انتقد استخدام الجمعية المفرط لمكيفات الهواء في المبنى، وغير ذلك من الاتهامات الهزيلة التي لا ترقى إلى مستوى النقاش بين ممثلي مؤسستين تحتضنان نخبة المثقفين والفنانين في البلاد. وبكل صراحة، لم أتمكن من إكمال مشاهدة هذا العبث، فقد أحزنني بشدة الوضع الذي وصلت إليه مؤسساتنا الثقافية، حيث تحولت قضايا تافهة مثل تشغيل وإطفاء المكيفات إلى هموم ثقافية كبرى تُطرح للنقاش عبر شاشات التلفزيون. يا له من انحدار مؤسف!

والأمر الأكثر إثارة للدهشة هو مطالبة أطراف من كلا الجانبين بتدخل وزارة الثقافة والإعلام لحل النزاع العقاري الدائر بينهما. وعلى حد علمي، لا يوجد في الوزارة لجنة متخصصة في فض النزاعات العقارية. كما لا يجوز تقويض استقلالية النادي والجمعية من خلال تدخل الوزارة في كل شاردة وواردة تتعلق بهما، وهو الأمر الذي حرص عليه على مر العقود كبار المؤسسين والأعضاء، من خلال ترسيخ استقلاليتهما المعنوية والإدارية. ولكن كيف نقنع الأدباء الجدد ذوي الميول العقارية بذلك، لكي يعودوا إلى رشدهم ويسدلوا الستار على هذه المهزلة البائسة، على الأقل إعلاميًا؟

وبشكل عام، ونظرًا لأن الحقائق المتداولة تشير إلى أن الأرض المقام عليها المبنى المتنازع عليه هي أرض حكومية تابعة لأمانة جدة، فإنني أقترح أن تبادر الأمانة بتخصيص ملكيتها لصالح هيئة الترفيه. وأقترح على الهيئة بدورها أن تحول هذا المبنى المثير للجدل إلى مسرح عام أو دار سينما، وتشرف عليه بنفسها. كما يمكن للهيئة أن تطرحه للاستثمار بما يعود بالنفع على السياحة في مدينة جدة، بدلاً من هذه الضجة الإعلامية التي تسيء إلى صورة الأدب والفن كما ذكرت آنفًا. وبعد ذلك، يمكننا إغلاق هذا الملف نهائيًا ونسيان كل ما حدث. هذه هي الطريقة المثلى للخروج من هذا المأزق.

أما بالنسبة لشكوى منسوبي جمعية الثقافة والفنون من ضعف الموارد المالية، مما يجعل من الصعب عليهم استئجار أو امتلاك مبنى، فإن هذا إن صح يدل دلالة واضحة على فشل هذه الإدارة الحالية وضرورة تغييرها فورًا بإدارة قادرة على إيجاد استثمارات ومصادر دخل جديدة للجمعية. وهذا بالمناسبة أمر في غاية السهولة، لو تولى هذه المهمة متخصصون في التسويق وتطوير الأعمال، بدلاً من موظفين هم في الأساس فنانون يعتقدون أن التسول وطلب الدعم المالي من الأثرياء هو الحل الوحيد لاستمرار الجمعية وتجنب إلقائها في الشارع. يجب التفكير خارج الصندوق والبحث عن حلول مبتكرة.

إجمالاً، أعرف أن ما أطرحه في هذه المقالة قد يكون مزعجًا للطرفين المتنازعين، ولكني أعرف أيضًا أن المجاملة لا مكان لها بعد كل ما حدث. لقد حان الوقت ليسمع مجلس إدارة نادي جدة الأدبي، وكذلك منسوبو فرع جمعية الثقافة والفنون في جدة، كلمة "عيب" مدوية من كل المتابعين والمهتمين، الآن قبل الغد. كفى عبثًا وتبديدًا للجهود في صراعات لا طائل منها.

[email protected]

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة